شركة عدن للأمن والسلامة

  

مقالات
فهد علي البرشاء

قناديل الجنوب المضيئة

الخميس 24 ديسمبر 2015 10:15 مساءً

شهيد تلو الشهيد, وقنديل يضيء هناء, وآخر يضيء هناك, الأرض تسقى ليس بالماء ولكن بالدماء,الأجساد تتمزق, الأوصال تتناثر, الأرواح تزهق, الدموع تنهمر, الآهات تصعد, الأنات تتسابق,الحسرات تعصف بحنايا الجسد, والم الفراق يستبد بكل شيء..

تساقطوا تباعا, تقاطروا أفواجا نحو الموت, تسابقوا نحو الذود عن الأرض والعرض, جابهوا الموت بصدور عارية وأجساد غضة نحيلة وربيعات عمرٍ طرية, لم يأبهوا لشيء, ولم يكترثوا بشيء, كان كل همهم وطنهم, عرضهم, أرضهم, دينهم..

قناديل أضاءت دياجير ليالينا,وقشعت ظلمتنا, وبددت آلامنا, ضحت بأرواحها لتسعدنا, وسُفكت دمائها لتحمينا, وتمزقت أجسادها لنعيش نحن وتمضي هي إلى بارئها, تركوا نعيم الحياة ورغدها, تركوا أبنائهم, تركوا أهليهم, تركوا الدنيا برمتها..

لم يتدثروا بلحاف الخنوع والذل, لم يلبسوا رداء السكون والصمت , لم يدسوا رؤوسهم في التراب كالنعام, ولم يقفوا متفرجين ينظرون كيف يموت الأبرياء , وكيف تدك المنازل, وكيف تُفتل الحياة والأحلام في مهدها؟

بل ثاروا , أنتفضوا , هبوا , تزاحموا على ميادين البطولة يحملون أرواحهم على أكتافهم ويحملون بين ثناياهم أحلام البسطاء, أمنيات المعدمين, غايات المسحوقين, ومستقبل أجيال تبحث عن الأمن والأمان والسكينة,وعن إبتسامة الأطفال بين ركام الأحزان والأوجاع التي ظلت تعصف بالجنوب ردحا من الزمن وتغذي أهله بالمرار..

كانت تتزاحم في رؤوسهم وأذهانهم  صرخات الثكلى, وأنات العجزة, وآهات الأطفال, ومشاهد الدمار والقتل والتنكيل والدماء التي تمارسها آلة القتل والوحشية, فلم تزدها إلا عزيمة وإصرار وقوة وصلابة للسير بخطى حثيثة وسريعة نحو ساحات الفداء والبطولة والإباء..

لم يُقتلوا من أجل أن نتصارع نحن على المناصب, أو نتقاتل على فتات وحطام الدنيا, أو نتناحر على ريالات بائسة هزيلة, أو كراسي, بل قُتلوا ليحيى وطن, ويكبر حُلم, ويترعرع أمل, وليبتسم بائس, وليضحك حزين..

 لأجل هذا ولأجل الجنوب قدموا أرواحهم ولم يبالوا بها, فلنحترم تلك الدماء, ولنتذكر تلك التضحيات, ولنقدس تلك البطولات, ولنسعى لنكمل حلمهم المنشود وأمنياتهم التي أستشهدوا من أجلها..